خلف
4 أكتوبر 2023

لقاء رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين مع المشاركين في المرحلة النهائية من الأولمبياد الدولي للأمن المالي

شارك الرئيس في الجلسة النقاشية المفتوحة "حوار على قدم المساواة" في إطار الدورة الثالثة للأولمبياد الدولي للأمن المالي، وتبادل الحديث مع المشاركين في المرحلة النهائية للمسابقة.

إذ تنظم هيئة الرقابة المالية الروسية (روسفينمونتورينغ) الأولمبياد الدولي للأمن المالي كل عام بدءًا من عام 2021. ويشارك في المسابقة طلاب المدارس الثانوية والجامعات، حيث وصل إلى النهائي في هذا العام أكثر من 500 طالب من 19 دولة. بالإضافة إلى المهام الفردية، يتضمن برنامج المرحلة النهائية لقاءات مع خبراء مدعوين وأرباب عمل محتملين، وورش عمل، ونقاشات جماعية، ورحلات ميدانية، وفعاليات رياضية.

 

* * *

فلاديمير بوتين: مساء الخير، أيها الأصدقاء الأعزاء!

يمُتلئ قلبي بالسرور وأنا أُرحب بكم جميعًا في ختام فعاليات الأولمبياد الدولي للأمن المالي. يتواجد هنا، في هذه القاعة، شبابٌ صغارٌ في مقتبل العمر، ينكبّون على دراسة موضوع جاد للغاية، ألا وهو الأمن المالي.

يشهد مركز "سيريوس" انعقاد هذه المسابقات الفكرية للمرة الثالثة، حيث يجتمع نخبة الشباب الموهوبين من طلاب المدارس والجامعات للمنافسة. ويُثلج صدري أن أشهد توسعًا ملحوظًا في نطاق مشاركة المتسابقين بشكل مطرد كل عام، حيث لم يقتصر على مختلف المناطق الروسية فحسب، بل شمل دولًا أخرى، مما يُؤكّد على أهمية هذا الحدث وجاذبيته المتزايدة.

لا شكّ أنّ تبادل الخبرات والمعرفة على المستوى الدولي، وتعزيز التعاون في مجال التعليم، وإقامة علاقات ودّية وتعاونية بين مختلف الدول، يُعدّ أمرًا بالغ الأهمية، خاصةً في ظلّ التحديات المتزايدة التي تواجه الأمن المالي على الصعيد العالمي، ممّا يتطلب تضافر الجهود وتعاونًا وثيقًا بين المتخصصين ذوي المهارات العالية في مختلف المجالات.

وأنتم مدركون جيدًا لما تشهده الساحة المالية حاليًا من ثورة تقنية هائلة، تشمل ظهور حلول وتقنيات جديدة مثل العملات الرقمية والأصول المالية الرقمية وخدمات الدفع الجديدة ونماذج الحسابات المالية الجديدة، بما في ذلك تلك التي تعتمد على استخدام تقنيات البلوكتشين، أو ما يُعرف بسجلات التوزيع.

وأود أن أقول مرة أخرى أنه في هذا المجال لا يسعني إلاّ التأكيد على أنّ الثقة المتبادلة واحترام مصالح الشركاء بشكلٍ متبادل، هما مفتاح النجاح في مجال التعاون الاقتصادي الدولي. وإذا توفر مثل هذا الأساس المتين، فإنّ التطورات التكنولوجية الحديثة، التي تُعد ثوريةً في جوهرها، تُتيح لنا إنشاء نظام فريدٍ حقًا للتسويات المالية، وعلاوةً على ذلك، فإنّ النظرة الأشمل تُظهر إمكانية إرساء بنية تحتية مبتكرة للتعاون الاقتصادي والتجاري والصناعي والعلمي على مستوى العالم.

ولدينا بالفعل سجل حافل من التعاون المثمر في مشاريع مشتركة مشابهة. وهكذا، فإن أحد الأمثلة الواعدة على ذلك هو المشروع المشترك لعدد من البنوك المركزية في آسيا والشرق الأوسط، والذي يسمح لها بإصدار وتبادل عملاتها الرقمية. بمعنى آخر، لا تملك أي جهة ثالثة أي فرصة لسوء الاستخدام أو للتدخل في تنفيذ المدفوعات، بما في ذلك على سبيل المثال، حظر المعاملة، وتجميد الحسابات، والاستيلاء على أموال الآخرين وأصولهم. وللأسف، قد تحدث مثل هذه الممارسات في العالم الحديث. وهنا يجلس أمامنا شباب صغار، لكن يمكنني القول إن هذا السلوك نموذجي للكبار المُغرورين، مثل الأعمام والعمات، الذين يبدو أنهم يفتقرون إلى الفطنة، وذلك لأنهم يرتكبون أخطاء تُلحق الضرر بهم في نهاية المطاف.

ولا يسعني إلا أن أكون على يقين من أنكم، باعتباركم روادًا في قضايا الأمن المالي، لا تتمتعون بالقدرة على حلّ المهام التنافسية المعقدة فحسب، بل تتمتعون أيضًا بالقدرة على طرح أفكاركم المبتكرة والجرئية التي ستثير اهتمام المختصين الذين يعملون في هذا المجال لسنوات عديدة باحترافية، ويمكن أن تساهم في بناء بنية تحتية مالية جديدة ومستقلة على الصعيدين الوطني والعالمي.

ومن الجدير بذكره أنه بعد اجتماعنا هذا بفترة وجيزة، سيُعقد اجتماع لنادي "فالداي" الدولي للحوار - هناك حضور كبير للشباب وطلاب المدارس، ولكن ربما يعرف الكثيرون منكم هذه المنصة. وفي هذا المكان، تبادلنا العام الماضي الآراء حول المنصات المالية الدولية الواعدة للمستقبل، ونظم الدفع المالية المستقبلية، والتي تتميز بكونها خارجة عن سيطرة الأنظمة القضائية الوطنية، مما يمنحها مزيدًا من الأمان والموثوقية، ويجعلها قادرة على التخلص من هيمنة العملات العالمية الفردية، وخاصةً الدولار الأمريكي، وبالتالي تجنب التأثير الخارجي غير العادل.

أود التأكيد مرة أخرى على أن هذه الآليات موجودة بالفعل وتشهد تطورًا سريعًا. إن عمليات التبادل التجاري بين الدول المختلفة تتزايد مع الاعتماد بشكل أساسي على العملات الوطنية.

يتخلص العالم بالتدريج من نموذج اقتصادي مالي استبدادي يسعى جاهدًا إلى إغراق المناطق في الديون وفرض القيود الاقتصادية عليها وتحويلها إلى مستعمرات اقتصادية، مما يحرمها من الموارد اللازمة لتحقيق التنمية.

وأعتقد أنكم ستتفقون معي، بأن لا أحد يرغب في مثل هذا المستقبل. وعليه، فإنّ عملية تشييد نظام عالمي متعدد الأقطاب - أكثر ديمقراطية، وأكثر صدقًا، وأكثر عدلاً للبشرية جمعاء - هي عملية حتمية لا مفر منها، وضرورية تاريخيًا. وهذا ينطبق تمامًا على خلق قواعد اقتصادية متينة لهذا النظام العالمي.

علاوة على ذلك، تبرز أهمية هذا الأمر جليةً مع ما تقدمه التقنيات الحديثة من حلول ثورية تُمكّن الأفراد والشركات من التقدم والتطور، وتُتيح للدول تأسيس ودعم مؤسسات اجتماعية ومالية تتواءم مع واقع عالم جديد متعدد الأقطاب، وتطوير أنظمة دفع دولية أكثر سهولة وأماناً.

في الوقت نفسه، يفرض انتشار مثل هذه التقنيات تحديات جديدة نوعيًا بالنسبة لنا لمنع التهديدات الجديدة. وهذا تحدٍّ عمليٌّ يواجهنا جميعًا - أنتُم ومن يهتمون بهذا المجال من النشاط.

وفي هذا الصدد، لا شك أن المشاركة في حركة الأولمبياد تُتيح للجميع اكتساب مهارات مطلوبة في مجالي حماية المعلومات ومكافحة الجرائم الإلكترونية، سواء اليوم أو غدًا، كما تُساهم في رفع مستوى الوعي المالي والقانوني بشكل عام.

 

إنّ مثل هؤلاء المحترفين ذوي الخبرة - وأنا على ثقة تامة بوجودهم هنا، وسوف يصبح الكثيرون منهم كذلك - ذوو المستوى العالي [المتخصصون] مطلوبون بشدة من قبل الدولة والشركات الكبرى والشركات الصغيرة ذات التقنية العالية، وحتى الشركات الناشئة أيضًا.

ونحن هنا نُعرب عن التزامنا المطلق بتقديم دعم شامل في هذا الإطار، وسنستمر في تطوير نظام التعليم الوطني انسجامًا مع الرؤية الاستراتيجية للبلاد وأهداف تحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي والريادة في المجالات الأساسية، وذلك لإعداد كوادرنا - وخاصةً من علماء الرياضيات والمهندسين والمبرمجين - الذين يُشكلون ركائز أساسية لأي نظام ذكاء اصطناعي ناجح.

وسنقدم الدعم للمعلمين والمرشدين لديكم في مواكبة مسيرتكم، وتعزيز مهاراتهم، وتبادل أفضل الممارسات، وتطبيق برامج تعليمية متقدمة وفعالة.

إن المركز التعليمي "سيريوس" الواقع في منطقة "سيريوس" يُمثّل بحق حاضنةً لابتكار منهجيات تعليمية حديثة ومبتكرة تُلامس احتياجات العصر. ويلعب كل من المعلمين والمرشدين والعلماء المرموقين والشركات الروسية ذات التقنية العالية دورًا مباشرًا في هذا العمل المهم.

وأودّ أن ألفت انتباهكم إلى وجود برنامج تجريبي جديد في مجال تكنولوجيا المعلومات. وستُمكّن هذه المبادرة طلاب المدارس الثانوية، إن أرادوا، من إتمام متطلبات المناهج الدراسية الأساسية كاملةً، مع اكتساب مهارات تخصصية مرغوبة في مجال تكنولوجيا المعلومات في نفس الوقت.

وأنا على يقين تام بأن مثل نماذج التعليم هذه بحاجة إلى المزيد من التحسين، ونحن سنعمل بلا شك على نشرها وتطويرها.

لقد واجه كل منكم منافسة قوية في مراحل التصفيات، وأظهر مهارات ممتازة، بل تجاوزتم ذلك وأثبتم قدرة استثنائية على الصمود، فبدون مثل هذه الروح القوية، لا يمكن الفوز في أي مسابقة، مهما كان مجالها. وينطبق هذا أيضًا على الرياضات التقليدية، كما ينطبق على التنافسية بشكل عام.

وفي خضمّ التنافس مع خصومٍ ذوي مستوى عالٍ، تُنفّذ مهامّ غير تقليدية وتُختبر قدراتكم المعرفية في مجالات متعددة تشمل الاقتصاد والقانون والعلاقات الدولية والرياضيات وعلوم الحاسوب. بالإضافة إلى ذلك، ستتاح الفرصة للالتقاء والتواصل شخصيًا في حوارات مفتوحة وتبادل الأفكار مع نخبة من كبار خبراء الأمن المالي، والمشاركة في حلقات نقاش ودروس هامة.

 

أتمنى لكم كل التوفيق في اجتياز الاختبارات النهائية، وإثبات مهاراتكم وخبراتكم وكفاءتكم بشكلٍ لا يقبل الشك. ولا أشكّ أن أجواء المنافسة ستمنحكم القوة والثقة بالنفس، وستُمكّنكم من تحقيق نتائج ممتازة في نهائي هذه المسابقات، ممّا سيفتح لكم آفاقًا واعدة في المستقبل، سواء على صعيد العمل أو الحياة الشخصية.

أتمنّى لكم كلّ التوفيق. وأشكركم على اهتمامكم.

أخبار أخرى

لتحسين أداء الموقع نستخدم ملفات تعريف الارتباط. من خلال الاستمرار في استخدام الموقع فإنك توافق على استخدام هذه التقنيات

لتعلم المزيد يوافق